على مدى أكثر من ألفي عام كان من يخالف اقليدس في الهندسة “مؤسس علم الهندسة والذي عاش في مصر القديمة وتنسب إليه المبادئ الخمسة الحاكمة لعلم الهندسة” وارسطو في كل شيء قاله (مؤسس المنطق الارسطي بقواعده الشهيرة) يتهم بالجهل او نقص العقل او حتي الجنون وقد يقتل متهما بالهرطقة مع ان هذين الرجلين كانا علامة فارقة في التاريخ في الفلسفة والهندسة إلا أن التقليد الأعمى لأفكارهما خلق حالة من الجمود في العلوم “وللمفارقة كلاهما جاء مخالفا التقليد السائد في زمنه” الا ان عدد من العلماء ممن كان اخلاصهم للعلم أكثر من التقليد تحدوا كل الظروف والانتقادات فجاء كوبر نيكوس ليهدم كون أرسطو القائل بمركزية الأرض مع انه استبدالها خطأ بمركزية الشمس إلا أنه حرك جمود العلم طلية هذه القرون لتأتي بعده أبحاث وقوانين كبلر ومنظار وتنتهي آخر فقرات أرسطو على يد نيوتن بقوانينه في الحركة وقانون الجذب العام لتظهر الفيزياء الكلاسيكية النيوتنية وصبغت كل جوانب العلوم وأثرت على الهندسة والفلسفة لتزيد انتشار الهندسة ما بعد الاقليدسية وتظهر رؤية جديدة للكون أطلقها نيوتن نفسه واصفا الكون بالساعة في دقة حركتها وبالتالي تحتاج لصانع ذكي “فيما تعرف بحجة صانع الساعات” والتي صارت حجة رادعة للملحدين.
وهكذا صار نيوتن علامة نيوتن أيقونة للعلم والفلسفة معا وبالإضافة لهذه الأسباب هناك سبب آخر جعل نيوتن الأعظم بلا منازع في تلك الفترة حيث قام بترجيح صراع طويل دار بين المذهب العقلي الديكارتي بمبدأه الشهير الذي يختصره ديكارت في عبارة “انا افكر إذا أنا موجود” ذلك المنهج الذي يرفع من شان العقل إلى الحاكم المطلق للبشر.
وبين المنهج المادي الذي يعلى من مكانة التجربة ويعتبرها الفيصل في كل شيء ويمثله جون لوك وديفيد هيوم “الذي أنكر كل ما وراء الحواس” لصالح صف المنهج المادي والذي اتجه بخطأ ثابتة حول الإلحاد “وللمفارقة نيوتن المسيحي المتدين صارت أفكاره وقوانين بوابة لأعتى الملحدين وتحسم احد مفكري الإلحاد الجديد وهو ريتشارد ديكنز بتأليف كتاب بعنوان The Blind Watch Maker للرد على حجة نيوتن وهو كتاب ملئ بالتناقضات لا يعطي أي إجابة على سؤال من أين جاء الكون”
وهناك مفكر آخر ساهم في حسم هذا الصراع وذلك بحل وسط بين ديكارت وهيوم وهو ألماني الجنسية يدعى إيمانويل كانط سنعرف في الصفحات القادمة…
من هو كانط؟ ومذهبة وتأثيره على الفكرة الغربي وعلى العلم التجريبي والدين… ثم سنتعرض ايقونات العصر الحديث في الفيزياء والبايولوجي ألبرت أينشتاين وتشارلز دارون….